Thursday, January 17, 2008

جنسية فخرية على القمر
بقلم: عميره هاس

مراسل الشؤون الفلسطينية

(المضمون: السلطة تتظاهر بأنها تملك سيادة الدولة رغم انها لا تملك حتى حق تغيير الهواء من غزة الى الضفة – المصدر).
"الملحن والموسيقار اليهودي - الاسرائيلي دانيال بيرنبويم حصل على الجنسية الفلسطينية وجواز سفر فلسطيني"، هذا ما نقلته صحيفة "هآرتس" بالامس بناءً على معلومات من وكالات الانباء. الخبر الذي كتب في شبكة "YNET" أفاد بأن السلطة الفلسطينية قد منحت الجنسية الفلسطينية لبيرنيويم، أما "نيويورك تايمز" فقد قالت ان عازف البيانو والملحن الاسرائيلي المولود في الارجنتين قد وافق على الحصول على الجنسية الفلسطينية وجواز سفر فخري فلسطيني.
الجواز أعطي له في ختام حفل موسيقي في رام الله كشكر وعرفان للطريقة التي يربط فيها بيرنبويم منذ سنوات المبادرات الموسيقية بمعارضته الواضحة للاحتلال الاسرائيلي، لاستعداده للقدوم الى رام الله في الفترة التي اعتبرها فيها اغلبية الاسرائيليين معقلاً من معاقل الارهاب، والطريقه التي نسج فيها علاقات صداقة مع شخصيات فلسطينية بارزه غير محبوبه بالنسبة لاغلبية الاسرائيليين مثل ادوارد سعيد.
حصل على الجنسية، وافق على الحصول على الجنسية، منحته الجنسية. الصياغة غير مهمه. بنفس المقياس كان من الممكن الكتابه ان السلطة الفلسطينية قد منحت بيرنبويم الجنسية على القمر. ذلك لأن السلطة لا تملك أية صلاحية لمنح الجنسية (او بتعريفها الاصح:- اقامة فلسطينية) لأي احد. لا لياسر عرفات ولا لمحمود عباس ولا للاجئة ابنة الثمانين عاماً التي تعيش في مخيم عين الحلوه في لبنان وما زالت تحن الى شجرة اللوز التي زرعها جدها في قرية لوبيا (كبيوتس لافي اليوم).
عرفات وعباس ومثلهم الاف نشطاء م.ت.ف. الآخرين الذين عادوا الى البلاد في عام 1994 حصلوا على "جنسيتهم الفلسطينية" والهوية الفلسطينية (بالعبرية والعربية) لأن اسرائيل سمحت بذلك. ولأن موظفاً اسرائيلياً في الادارة المدنية قد طبع معلوماتهم وتفاصيلهم الشخصية في وزارة الداخلية الاسرائيلية حتى تصادق لنظيرتها وزارة الداخلية الفلسطينية وتسمح لها بإصدار هوية في مطبعتها وحتى تظهر المعطيات في الحاسوب الذي يحمله آخر جندي اسرائيلي على اصغر حاجز.
السلطة الفلسطينية لا تملك صلاحية منح المواطنه الفلسطينية لمن ولدوا في فلسطين الانتدابية قبل 1948 ولا توجد لديها صلاحية لمنح الاقامة لمن ولدوا بعد 1948 في حدود دولة اسرائيل. كما انها لا تملك صلاحية اعادة المواطنة لـ 400 الف انسان ولدوا في الضفة الغربية وغزة بعد 1948، واسرائيل كانت قد فعلت كل ما بوسعها حتى يفقدوا حقهم في الاقامة:- اصدرت اوامر تقيد حقهم في الاقامة في الخارج وحالت دون عودتهم من الخارج في الوقت المناسب، ولم تحتسب من لم يكن موجوداً خلال عملية الاحصاء السكاني في آب 1967.
عشرات الاف منهم يعيشون اليوم في قطاع غزة والضفة الغربية في منازلهم وقراهم ولكن من دون اوراق رسمية. كانت لديهم وثائق سفر مؤقته من الدول العربية المختلفة عندما توجهوا للدراسة او العمل في الخارج. هم عادوا الى منازلهم كسياح وانتهى سريان الوثيقه المؤقته فتحولوا الى سجناء بكل معنى الكلمة في مدينة سكناهم. ان ضبطوا على الحواجز سيبعدون للخارج. البعض منهم فقط يمكنه ان يحصل على الاقامة فقط من خلال عملية "جمع شمل العائلات" المرهقة التي تتحكم فيها اسرائيل. في الآونة الأخيرة فقط – بعد سبع سنوات من الاجراءات حصل (3500) شخص (من 65 الف شخص في وضع مشابه) على التصريح بـ "التجنس" على هذه الطريقة.
السلطة الفلسطينية لا تملك حتى صلاحية نقل عنوان الاقامة من غزة الى رام الله، ان لم يصادق موظف الادارة المدنية (ومن خلفه عنصر الشاباك ومن ورائهم وزارتي الخارجية والدفاع الاسرائيليين) على ذلك. اذا فقد "منحت السلطة الفلسطينية الجنسية لبيرنيويم"!
رغم فيض المعلومات التي نشرت في السنوات الأخيرة خصوصاً في "البلاد" حول سيطرة اسرائيل على سجل الاحوال المدنية الفلسطينية إلا ان الحقائق ليست مستوعبه بعد. السلطة تعتبر "دولة" تملك الحق السيادي في منح "الجنسية". ومن الصعب على الاسرائيليين خصوصاً ان يدركوا شدة وعظم سيطرتنا على الفلسطينين: ذلك ان كل يهودي في العالم يستحق القدوم لاسرائيل والتحول الى مواطن اسرائيل خلال بضعة ايام والاقامة ليس في اسرائيل فقط بل وفي كل مستوطنة غير شرعية وفي كل بؤرة استيطانية غير قانونية
هآرتس.

No comments: