في ذكرى استشهاد دلال المغربية

وتشرق الشمس من جديد

شعر محمود جلبوط *

عندما أتيت حلماَ ما بين حدود القلب والوطن
رؤيا وليّ ليلا تجليت
أشرقتِ شمسا
تعانقت خيوط حروفنا على صفحة الليل
ولما عرفت أنك أنت، احترق القمر
وأدركت أناّ قبل نهاية التاريخ عبر التاريخ
مرارا التقينا
على شاطيء أسطوري يصل بين كنعان وأثينا
كانت فينيقيا تمد يدها على طول الساحل وحيفا
تفتحتِ زهرة ندية وسط الكمائن والانفجارات
ونفس أبية
نزلنا معا شاطيء حيفا
تصاعد دخان كثيف يعلن قدومنا
يعلن انكسار الزمن الرديء
وبدء الولادات القسرية
عمت المدينة يومها فوضى لا خلاقة
سموني عبد الله الإرهابي وأنت دلال المغربية

عندما صارت كلماتنا تدب متعثرة على صفحتنا حدود الفجر
حملتِ لي بين كفيك الرقيقتين زهرة عباد الشمس
قبّلت يديك، كنت قبلها غبٍِِشاَ عنها وعنك
لهثني الزمن
حامت في رأسي مئات الأسئلة
ترى أين التقينا ؟؟ أين تصافنا؟؟ وأين جال الزمن فينا
علّه هناك، في أفاميا حيث ينبت عطر الليل والفتنة
كنت يومها تتكئين جذع تفعيلة
تسكن أحلامنا جزرا خضراء
وقاربنا من زعفران وياسمين وزعتر....

عندما التقيتك خريفا على صفحة من تاريخنا
حارت عينانا
تساءلت إن كنت هي أم كنت أنت
أدركت أنّا من قبل قد تصادفنا
تحت إحدى العرائش
حيث ارتفعتِ مئذنة يجلّلِ الأخضر من جهاتك الأربع
كنت تحملين ناقوسا قديما تدندني على إيقاعه نشيدا
تقطنين مدينة سريانية
تقدمي لعابري السبيل رطبا وماءا عذبا
تستحمين في شفاف الرؤيا
ويبين من تحت ثوبك نهداك
كان اسمك يومها جلق وكنت أنا كنعانيا

عندما صنعت لك من كلماتي قصيدة
واستحالت على شفتيك أغنية (أحبك أكثر)
ضممتك إليّ، فعبقت رائحة الليمون فيّ
أدركت أنّا على حدود حصار المدينة تلاقينا
تعلمت فيها كيف أشرب قهوتي الصباحية
وكيف أغازل النساء، وكيف أصير فدائيا
مدينة غادرها درويش ممطرة في قصيدته
ناشدنا أن نحاصر فيها حصارنا
كنت أنت فيها سناء المتحيدلة في دمها وأنا عليا...

عندما راحت حروفنا ترقص على صفحتنا نشوى بلقائنا
عرفتك، وأدركت أناّ مرارا من قبل قد التقينا
هناك، في مدينة لاتينية ذي جذور هندية
نادوكي فيها كرستينا ودعوني جيفارا الإرهابي

عندما راحت حروفنا تشكل جملا أغزل منها قصيدة
نشيدا يجمع ما بين أبياته بيروت وحيفا
أدركت أناّ في أقصى الجنوب تلاقينا
في مدينة قد التحفت العراء
تنعكسين في مساحة رؤياها إغراء
تنتظرين هطول الأمطار الموسمية
آتيك فيها مترددا، أحتسيك
أهطل عليك شهوة وعشقا
انطفيء فيك، استلقي بقربك
ندندن أغنية للشيخ إمام
أحدثك عن أطفال ما زالوا يولدون في اليابان مشوهين
عن أطفال جوعى في بلاد عائمة على بحر من النفط
عن اللحم البشري الملتصق على الحيطان
عن ممالك الذعر حيث يموت الفرح بسيارة مفخخة أو انتحارا
عن أمل اغتالوه حيث ينمو الشعر ويقطن الأنبياء

عندما تنشغلين عني بما يشبه النبوءة...
تتسع الأحداق المسكونة بالرعب
يندلع انفجار
تنطلق مسيرة بدء الولادات الطبيعية
ومواسم الفرح القزحية
لتعود إلينا أغانينا المسروقة

عندما تشابهت ألوان حروفي مع حروفك
زهرية في صفحتنا
خرجتِ إليّ ندية قبيل الفجر كالآذان
أدركت أناّ لا بد قد التقينا على حدود كل الأزمان
حملتك عاليا، والشبق العسلي في عيوني
غنيت لك بعضا كل الأغاني
أوقظ الغناء فينا كل الإشتهاء
انطلقنا من أسر صفحتنا
احتفلت بنا الملائكة
توالدنا أحلاما
نصبنا خياما على أرصفة السماء
ورحنا نمطر أمان وأمانا
لتصبحين أنت ثورة وأصير فيها فدائيا

* givara1954@yahoo.de

From KOL