رؤوف مسعد (روائي مصري)
منذ عشر سنوات، وفي مناسبة مرور خمسين عاماً على احتلال إسرائيل) للأراضي الفلسطينية، ذهبت إلى فلسطين/ ( إسرائيل) لكي أشاهد (على الطبيعة قيام السلطة الفلسطينية القادمة من المنفى التونسي، حاملةً في حقائبها ــــ ضمن ما تحمل من خطط ــــ وثائق «أوسلو» وتفاهماتها.
بعد أكثر من عشر سنوات على «أوسلو»، ينزوي مهندسها محمود عباس في رام الله، متفاهماً مع( إسرائيل) والدول الأوروبية على تشديد العقاب على الشعب الفلسطيني، لأنّه يصرّ على خيار المقاومة متمثلة في «حماس»، وإسقاطه أوسلو وجماعتها لفسادهم وتخاذلهم.استقبلت غزة ياسر عرفات بالطبل والورود، وودعت رجاله بالرصاص وحلق الشوارب. تبني مصر الآن جداراً عازلاً مستعينة بالخبرة الأميركية.
يقبع دحلان في مصر محتمياً بأجهزتها الأمنية... دحلان رجل فتح الأمني، ومنفذ السياسة الأميركية و(الإسرائيلية) بعدما فشلت مؤامرته لإطاحة رجال «حماس» نتيجة الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني.وتنقسم الشعوب العربية، مرة أخرى، بمواجهة فلسطين وشعبها
قبل ستين عاماً قررت الدول العربية رفض التقسيم، من دون أن تستمع إلى رأي الشعب الفلسطيني... وأرسلت جيوشها التي هزمها القرار السياسي العربي قبل أن تهزمها عصابات الأرغون والهاغانا. واليوم، قرار التقسيم نفسه، تحاول السلطات الفلسطينية المختلفة أن تصل مع إسرائيل)، عبثاً، إلى شيء يقاربه.وليست خيانة المثقف العربي (معظم المثقفين) بأقل من خيانة الأنظمة العربية. فهو قد اكتفى برفع شعار لا (للتطبيع مع( إسرائيل)، ورأى أنّه أدّى واجبه. لكنّه يطبّع مع أنظمته المطبِّعة مع( إسرائيل) في موقفها من «حماس»، ولا يستنكف أن يحاضر ضد التطبيع، وأن يتظاهر ضد أنظمته... لكنه في النهاية يذهب آمناً إلى بيته على عكس المثقف الغربي الملتزم الذي يذهب إلى فلسطين ويقف بوجه العنف الصهيوني دفاعاً عن البيوت الفلسطينية، مثل راشيل كوري الأميركية التي دهستها الدبابات( الإسرائيلية).هذه حالتنا بعد ستين عاماً من الهزيمة العربية
المقاومة الفلسطينية بأشكالها المدنية والعسكرية، تجد صدى خارجياً وتأييداً غربياً أكثر منه شرقياً. الرئيس الأميركي الأسبق كارتر ذهب ليتفاوض مع «حماس»... بينما تبقى معظم الأنظمة العربية بمنأى عن الاقتراب الحقيقي من الفلسطينيين، إلا ببعض المساعدات المالية التافهة أو باتخاذ فلسطين ورقة تتفاوض بها لحساباتها السياسية
رأيت الفلسطينيين في بيروت ومنافيهم الأخرى قبل أوسلو... وما زالوا في المنافي حتى الآن تغتالهم الأنظمة العربية والصمت العربي. تبيع مصر الغاز لإسرائيل، وتقبع غزة في الظلام، بلا مستشفيات.
ويبعث الرئيس حسني مبارك بتهنئة إلى شيمون بيريز بمناسبة قيام دولة( إسرائيل).هذه هي الحال بعد ستين عاماً من الهزيمة العربية
No comments:
Post a Comment