Saturday, December 19, 2009

جميلة بوحيرد في الشعر العربي


عثمان سعدي
ناقلت الأنباء مأساة المجاهدة الكبيرة جميلة بوحيرد ومعاناتها في زمن القحط الذي تعاني منه الجزائر، فالإنسان يصاب بالبكم والخرس عندما يكتشف أن جميلة تجوع. عندما اعتقلت وعذبت خرج الطلبة بدمشق في مسيرة توجهوا إلى الليسيه الفرنسي الذي حمل اسم (جان دارك) فحطموا تمثالها المنصوب في مدخله، ونزعوا اللوحة التي عليه ونصبوا فوقه اسم جميلة بوحيرد. وقد أتيح لي أن أجمع عشرات القصائد التي قيلت فيها، وقد رأيت أن أقدم للقراء جزء من قصيدة بدر شاكر السياب ذات المائة بيت، لتضمنها لأبيات تعبر عن أوضاع العرب الآن، فالسياب كان يقصد بها اأوضاع العراقيين تحت حكم حلف بغداد، وهي تعبر الآن عما هو أسوأ من ذلك: 'ألسنا في الجزائر وفي الوطن العربي نعيش في ظلام دامس... ألسنا حفاة عراة من كل القيم النبيلة.. ألسنا كوم من الأعظم البالية..؟'، بلى، لنقرأ سويا إلى هذه الأبيات الرائعة للشاعر الكبير، نكتشف من خلال كلماتها، كيف كانت جميلة تؤدي دورها كموقدة الثورة بين الشباب العربي من المحيط إلى الخليج، وهي تعيش الآن في ظل حكم يديره حركيو فكر لا حركيو عضلات. لقد عرفت الجزائر حركيو العضلات في الخمسينيات، وهي الآن تعيش في ظل حركيي الفكر
عشتار أم الخصب والحب والإحسان تلك الربّة الوالهة
لم تعط ما أعطيت لم ترو بالأمطار ما روّيت قلب الفقير
يا أختنا المشبوحة الباكية
أطرافك الدامية
يقطرن في قلبي و يبكين فيه
لم يلق ما تلقين أنت المسيح
أنت التي تفدين جرح الجريح
أنت التي تعطين لا قبض ريح
يا أختنا يا أمّ أطفالنا
يا سقف أعمالنا
يا ذروة تعلو لأبطالنا
ما حزّ سوط البغي في ساعديك
إلا و في غيبوبة الأنبياء
أحسست أن السوط أن الدماء
أنّ الدجى أن الضحايا هباء
من أجل طفل ضاحكته السماء
فرحان في أرضه
أحسسته يحبو على راحتيك
يهتف يا جميلة
يا أختى النبيلة
يا أختي القتيلة
تعلو بك الآلام فوق التراب
فوق الذرى
فوق انعقاد السحاب
تعلين حتى محفل الآلهه
كالربة الوالهه
كالنسمة التائهه
لا تسمعيها
إنّ أصواتناتخزى بها الريح التي تنقل
باب علينا من دم مقفل
و نحن نحصي
ثم أمواتناالله
لولا أنت يا فاديه
ما أثمرت أغصاننا العاريه
أو زنبقت أشعارنا القافيه
إنا هنا في هوة داجية
ما طاف لولا مقلتاك الشعاع
يوما بها نحن العراة الجياع
لا تسمعي ما لفقوا
ما يذاع
ما زينوا
ما خط ذاك اليراع
إنا هنا كوم من الأعظم
لم يبق فينا من مسيل الدم
شيء نروّي منه قلب الحياة
إنا هو الموت حفاة عراة
لا تسمعيها
إن أصواتناتخزى بها الريح التي تنقل
باب علينا من دم مقفل
و نحن في ظلمائنا نسأل
من مات؟ من يبكيه؟ من يقتل؟
يا نفحة من عالم الآلهه
هبّت على أقدامنا التائهه
لا تمسحيها من شواظ الدماء
إنا سنمضي في طريق الفناء
و لترفعي اوراس حتى السماء
حتى تروّى من مسيل الدماء
أعراق كل الناس
كل الصخور
حتى نمسّ الله
حتى نثور

No comments: