Monday, May 10, 2010

أبو هادي



جاسم بودي




ما إن تصافح سماحة السيد حسن نصر الله وتلتقي ابتسامته حتى تنسى عناء الطريق. يعانقك سائلا عن احوالك الشخصية وأمور بلدك كأنه لم ينس تفصيلا عبر أو كلمة قيلت منذ اللقاء الاخير الذي تم قبل أربع سنوات. يراجع معك سريعا ابرز المحطات والمتغيرات ويتمنى ان تصدقه القول في ما تراه صحيحا أم خاطئا . الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. الرجل الذي
هزم (الاسرائيليين) عسكريا ومعنويا. الرجل الذي غير المعادلات على الارض انطلاقا من الانتصار على الخوف والضعف والتردد في دواخلنا. هذا الرجل تشعر في نبرات صوته انه كان يفضل ان يعفى من القتال على جبهات سياسية وامنية اخرى، لكنه في الوقت نفسه يضبط كل حركته داخليا وخارجيا على ساعة التوقيت الجنوبية ولا يتوانى عن الانسحاب أو التهدئة لحماية الجبهة الحقيقية
في مكان مجهول تماما التقيته. .. وضع يده على صدري سائلا: «كيف القلب هلأ (الآن)؟
هيبته تسبق حضوره وابتسامته تسبق مصافحته ويده تسبق الود الذي يبديه مشيعا راحة في المكان وثقة في الزمان. كانت نفسيته اقوى ونشاطه افضل ومزاجه احسن... وكأن المواجهات الدائمة والخفية مع( اسرائيل) واجهزتها تزيده اشراقا وانتشارا وانتصارا . بقدر ما يرتفع سور الممنوعات عنده في الموضوع الاسرائيلي الى درجة «المقدسات»، بقدر ما يتسع صدره للرأي الآخر والحوار والنقد والمراجعة في ما يتعلق بالامور الاخرى... من بيروت الى القاهرة
تشعر انه يكره الضرورة احيانا لكنه يلجأ اليها حماية لـ«طريق المجاهدين» او من باب «آخر الدواء». يتألم كثيرا لكل من يسقط في الساحة الخطأ وبالطريق الخطأ، مدركا ان الخلاف الداخلي يضعف السلاح وان الفتنة الداخلية تشل السلاح وان الاقتتال الداخلي ينهي السلاح . يحلم بأن يكون مشروع المواجهة مع( اسرائيل) هو الهوية الوطنية والطائفية والمذهبية. بأن تكبر دائرته لبنانيا وعربيا لا ان تصغر دينيا ومذهبيا ومناطقيا. يحلم... ويعلم، ان الأمر دونه صعوبات. تعيقه القدرات والفروقات والمواقف والمبادئ، ومع ذلك لا يتراجع ولا يكل ولا يمل. تهون عنده كل التضحيات امام الارض والعرض والدين وهو الذي ما بخل حتى بفلذة كبده هادي الذي اكرمه الله بالشهادة
وللحديث عن هادي شجون وشؤون. عين تتلألأ ببرق الحزن الممزوج بالعزة والفخر عاكسة صورة اخرى لسيد المقاومة والتحرير. صورة الفارس الذي يحني ظهره لجثمان شهيده فيغسله بدمع الشوق ثم يواجه وسائل الاعلام والأخبار و«الاستخبار» بقامة المواجه وهامة المنتصر... لن يعطي «السيد»( اسرائيل) صورة ترفع معنويات جنودها
يسألني عن الكويت واهلها من موقع العارف المتابع. قلبه على التجربة الفريدة المميزة وعينه على مخططات الفتنة والتفرقة. يناشد الشيعة قبل السنة ان يكون النظام مرجعيتهم والدولة مشروعهم والوحدة والامن والاستقرار والسيادة اهدافهم الدائمة. يطلب من الجميع ان يتطرفوا في الدفاع عن هذه الاهداف لا عن مذاهبهم لانه بات يشعر بالخوف كلما تغلب الكلام الطائفي على الوطني ويطلب من الجميع ان يحذروا الطرف الذي يبالغ في الحديث عن طائفته
فنجان الشاي مع سماحة السيد نصر الله له طعم خاص. يمتلئ دائما مع امتلاء الوقت بأمور بعضها للنشر وغالبيتها من امانات المجالس. تشعر تماما بحنينه الى اللقاء المباشر مع الناس. الى التواصل اكثر مع اسرته الصغيرة واسرته الاكبر فالاكبر فالاكبر. الى مشاركة المجاهدين ايامهم وخنادقهم ومرابطهم وخبزهم... الى الصلاة في القدس
فنجان الشاي يفرغ لان ارتباطات «السيد» كثيرة لكن الكلام لا ينتهي، فالتطورات المقبلة تتحدث عن نفسها ومقدماتها ظهرت وابو هادي يعدنا بكلام كثير... انما في ساحات المواجهة هذه المرة




الراي الكويتية

No comments: