Monday, February 6, 2012

ترقّبوا ثورات حقيقية في دول الردّة

  ألجعفري وألهجوم ألسوري ألمعاكس                                                                                      
وليد زيتوني
 
شهد الأسبوع المنصرم تحوّلات جذرية في الأزمة السورية على المستويات الثلاثة، الدولية والإقليمية والداخلية، وفي المجالين السياسي والعسكري. تؤشر هذه التحولات إلى بداية هجوم معاكس واسع النطاق يهدِّد مرتكزات الحرب الشاملة التي قامت على سورية، ويضرب بالعمق الحشود السياسية والديبلوماسية في أكثر من ساحة من ساحات المعركة. 

المؤكد أن جلسة الأمن الأخيرة كشفت بما لا يقبل الشكّ أبعاد المناورة الأميركية، الغربية، والعربية المشتركة، وبالتالي كشفت الأدوات والوسائل المستخدمة، وتركت محاور الهجوم مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الأهداف النهائية للمعركة، وسمحت للجانب السوري بوضع اليد بقوة على الثغر القاتلة في "التكتيكات" المتبعة. 

قبيل جلسة مجلس الأمن بأيام، تصاعدت حدة التوتّر الداخلي وانتقل تركيز بعض المجموعات العسكرية الى المناطق المحيطة في دمشق، مترافقة مع حملة إعلامية تضليلية واسعة، مستهدفة إظهار ضعف القيادة المركزية وتراجعها أمام المعارضة، وبمواكبة حثيثة من دول الرجعة في جامعة الدول العربية، ومن الأمين العام لهذه الجامعة ورئيس الدورة الحالية حاكم قطر، وصلت الى حدّ تجميد عمل المراقبين وانسحاب العناصر الخليجية، لإظهار عدم القدرة على التعاون مع القيادة السورية تمهيداً لرفع الملف الى مجلس الأمن، وهذا ما حدث بالفعل. 

أدركت القيادة في الشام هذا المخطط وأبعاده، والنتائج المترتبة على الصورة التي سيتقدم بها أصحاب المؤامرة. فككت بتفكيك المرتكزات، واحداً تلو الآخر، بشكل سريع ومنهجي، فعالجت عسكرياً تجمع العصابات في دوما وحرستا وريف دمشق، وضيّقت نطاق التحرّك في حمص والمناطق الأخرى، وقبضت على عشرات المخربين المنتمين الى جنسيات مختلفة، وتحرك الشعب مغطياً الساحات، وأظهر الإعلام تهافت إعلام الفتنة ومحطاتها. 

ما ان بدأت جلسة مجلس الأمن، حتى كان د. الجعفري مندوب سورية متسلحاً بالوقائع الجديدة على الأرض، وبضمانة روسية، صينية، هندية، وجنوب أفريقية، بعدم صدور أيّ قرار عن المجلس يتيح التدخل العسكري أو التدخل في الشؤون الداخلية السورية. وبمبادرة روسية تتعلق بدعوة المعارضة الى حوار مع السلطة في موسكو، رفضتها المعارضة مراهنة على الضغوط التي سيمارسها مجلس الأمن. أفاد الدكتور الجعفري من هذه الوقائع وبدأ هجومه الديبلوماسي المعاكس، حتى قال عنه أحد الصحافيين الغربيين، ما معناه: لقد أكسب الجعفري نظام الأسد نصف المعركة. 

استناداً إلى ما تقدم يمكن قراءة الواقع على النحو الآتي: 
أولاً: جمود الوضع الدولي عند حدود الضغوط الأميركية – العربية بإشهار فيتوات روسية صينية في مجلس الأمن، يستتبع عدم إصدار قرار دولي بالشأن السوري. 
ثانياً: استحالة القيام بمغامرة غربية تستهدف الهجوم على سورية عسكرياً من دون ارتدادات غير معروفة النتائج على الصعيد الإقليمي.
ثالثاً: الاتجاه لحسم عسكري داخلي يفكك بنية المعارضات العسكرية الداخلية، وسحق العناصر المستقدمة من الخارج، ومحاولة وضع حدّ لعمليات تهريب الأسلحة والدعم اللوجستي الخارجي. 
رابعاً: الإبقاء على استنفار إعلامي مواجه، وحركة شعبية متضامنة مع القيادة والقوى المسلحة تشكل البيئة الحاضنة لهذه القوى في عملية تصفية الجماعات الإرهابية. 
خامساً: الإبقاء على استنفار عسكري لمنع أي عمليات تسلّل واسعة النطاق تؤثّر في مجرى الحوادث الداخلية. 
سادساً: توسيع مروحة الإصلاحات والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات المنجزة، خاصة التعديلات الدستورية، وقانون الانتخابات، وقانون الأحزاب، وقانون الإعلام، والتركيز على المحاسبة والتطهير للعناصر الفاسدة في الإدارة. 

إن هذه الاصلاحات المترافقة مع المناخ الدولي القائم ستجعل من سورية محطة انطلاق إصلاحي وتغييري للدول الأوليغارشية في العالم العربي التي كانت سنداً للهجوم على سورية. وهو بالحقيقة مكمن خوف دول الخليج، المهتزة في بناها الاجتماعية والسياسية والعسكرية، وهو أيضاً مضمون خطاب الجعفري كقاعدة للهجوم المعاكس. 

ختاماً نقول: ترقّبوا ثورات حقيقية في دول الردّة. 
  عن جريدة البناء ليوم ٦/٢/٢٠١٢ 

No comments: