حسين بن حمزة
كانت نبرة الترحيب واضحةً في صوته وهو يخبرنا على الهاتف أنّه يقرأ «الأخبار» يومياً. في اليوم التالي، استقبلنا في شقته في وطى المصيطبة التي كانت بيتاً ومقراً له كممثل لفلسطين في لبنان
قلنا له ـــــ ونحن نبحث عن بداية ما للحديث ـــــ إنّنا استعدنا محاولة
اغتياله أمام البناية كما وصفها هو في مذكّراته. ابتسم وقال: «كانت تلك واحدة من عشر محاولات». جلسنا في الصالون الذي تحتلّ جدرانه أكثر من لوحة للرسام الفلسطيني الراحل إسماعيل شمّوط. من أين نبدأ مع هذا الرجل الذي عاش حياة صاخبة، وكان شاهداً على لحظات مفصليّة في التاريخ الفلسطيني واللبناني والعربي؟
.شفيق الحوت، الفلسطيني المفرط في فلسطينيته، هو في الحقيقة لبناني الأصل. سافر جده إلى يافا في الزمن الذي كانت فيه بلاد الشام منطقة جغرافية واحدة. عمل في التجارة. استقر هناك. صار مختاراً للحي، حاملاً لقب «البيروتي». في 23 نيسان (أبريل) سنة 1948، أي قبل موعد النكبة الرسمي، كان معظم أفراد عائلة «البيروتي» في عداد النازحين من يافا ومن فلسطين كلها.يتذكر شفيق الحوت الذي كان في السادسة عشرة أنهم جاؤوا إلى لبنان على أساس أنّهم عائدون ما إن تهدأ الأوضاع. حتى إنّهم استحصلوا على تأشيرات سفر عادية من القنصلية اللبنانية هناك. لولا الأوضاع، لكانت تلك الرحلة أشبه بمثيلاتها حين كانوا يقضون فترات من الصيف في لبنان. «كان والدي يصرّ على استئجار شقق مفروشة، قائلاً لنا: إذا عدنا سيكون التخلص من الفرش مشكلة». مع الوقت، تبيّن لهم أنّ تلك الرحلة كانت بداية اقتلاع وتشرّد استمر حتى اليوم. كان باستطاعهم أن يصدقوا أنهم عادوا إلى بلدهم الأصلي. لكن فلسطينيتهم كانت قد طغت على أي صفة أخرى. وهكذا صار «البيروتي» في يافا يلقَّب بـ«الفلسطيني» في بيروت
انقر على الوصلة لمواصلة القراءة
No comments:
Post a Comment