Saturday, February 6, 2010

صدور ألعدد ألجديد من مجلة ألهدف


كلمة أولى

في وداع احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية ٢٠٠٩


الآن، وقد ودعنا العام ٢٠٠٩ ، ومعه احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، التي دعا البعض إلى اعتبارها عاصمة أبدية لهذه الثقافة.. دعونا نتأمّل قليلاً واقع الحال، والمسافة الفاصلة ما بين الأمل والأمنيات والرغبات (مهما كانت نبيلة)، وبين الواقع على الأرض في ظل استثنائية الحال التي تعيشها القدس تحت عسف الاحتلال الصهيوني
نستذكر بدايةً أن إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية ٢٠٠٩ كان حدثاً استثنائياً ومثيراً للعديد من الآراء ووجهات النظر والمواقف المختلفة. ثمة من قال: لا يجوز أن تكون القدس عاصمة للثقافة العربية قبل تحريرها من الاحتلال وإعادتها إلى موقعها العربي الطبيعي، وثمة من رأى، على العكس تماماً، أن تسمية القدس، وخصوصاً في ظل الواقع الراهن، عاصمة للثقافة العربية إنما هو بالغ الضرورة وبالغ الدلالة والأهمية، وما بين الرأيين تعدّدت وجهات النظر والآراء
ما من شك إن كان للقضايا العربية الكبرى من «عاصمة» فهي القدس بكل تأكيد، وذلك لعراقة هذه المدينة، ولتاريخها الحافل بالأحداث، ولتمثيلها وحدة الأديان وتعايش المذاهب، ولرمزيتها في الصراع في مواجهة المشروع الصهيوني، ولأسباب أخرى كثيرة لا تُخفى
كذلك، لم يكن لدينا شك بأن احتفالية القدس بالثقافة العربية، ستجري على نحوٍ صراعي، وربما دموي، جراء واقع فاجر، وهو أن قادة الكيان لا يرفضون معظم العواصم العربية فقط، ولا الإقرار بالحق العربي الفلسطيني بالقدس فحسب، إنما هم يرفضون كذلك الثقافة نفسها باعتبارها لغة الحضارات بين الشعوب وعنوان الترقي، وذلك من موقع عنصري تبدّى خلال أكثر من ستين عاماً من الصراع مع هذا الكيان، ببنيته العسكرية التدميرية، الذي لا يقبل بالثقافة ولا حتى بالاحتفال بيوم عيد الأم في أصغر مدرسة فلسطينية
صحيح أن اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية كان من أحد أهدافه فضح ممارسات الكيان ونزعته العنصرية، بيد أن العالم لم يعد بحاجة إلى المزيد من المعرفة والحقائق والمعلومات في هذا المجال، فكل شيء بات واضحاً بحيث لم يبقَ – في حقيقة الأمر – إلاّ حسم الصراع بين حق مُضيّع وعنصرية توسعية
المؤسف في الأمر أن الانقسام الفلسطيني انعكس بقضّه وقضيضه على عام الاحتفالية، حيث شهدنا ثلاثة احتفالات متنافرة ومتصارعة إلى هذا الحدّ أو ذاك: احتفالية السلطة، واحتفالية حماس، والاحتفالية الأهلية الفلسطينية، الأمر الذي برهن أن الثقافة تُمارس في سلة السياسة، وخدمة التنازع وإعلام الاختلافات
هذا الواقع - على مرارته ومأساويته – كشف أن قضية نبيلة مثل قضية القدس، التي تتعرض يومياً إلى شتى الانتهاكات الصهيونية العنصرية، لم تستطع أن توحّد كلمة الفلسطينيين حولها، بل تحولت الثقافة والاحتفالية إلى حقلٍ إضافي للتنازع الحاصل ووجهات النظر المتباينة والمتعارضة
لا شك أن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي على ما هو عليه، وتعمقه مع الزمن لا يهدّد رمزية القدس باعتبارها درة الثقافة العربية ورمز الكرامة، ومنارة الشرف فحسب، بل يهدّد مجمل القضية الفلسطينية، ويسهّل على العدو ابتلاع ما تبقى من حق مضيّع

لقراءة ألمجلة أنقر على ألرابط

No comments: