Tuesday, December 20, 2011

محاولة لفهم الأوضاع في مصر وتقديرات لاحتمالات المستقبل‬

د. محمد أشرف البيومي
‫الجزء الأول‬

خلاصة‬

‫‫تحاول هذه الدراسة الإجابة علي تساؤلات هامة مطروحة أو يجب طرحها ويمكن تعديدها فيما يلي:‬

‫ما الذي حدث في مصر منذ 25 يناير الماضي؟ ما هي القوي المتصارعة محليا؟ ما هو دور الرجعية العربية وقوي الهيمنة الغربية المتحالفة معها؟ ما هي القوي التي تسعي لانتخابات سريعة؟ ما هي إستراتيجية المؤسسة العسكرية وعلاقاتها مع مختلف الاتجاهات السياسية المصرية؟ ما هي معالم العلاقة الملتبسة بين المجلس العسكري والإخوان؟
  لماذا الدهشة من نتائج الانتخابات وإذا كانت هناك مفاجآت حقيقية فما هي؟‬
‫ما هي احتمالات المستقبل القريب؟
  وما هي واجبات ومهام المثقفين الذين ينتمون للاتجاه الشعبي الوطني؟‬

‫ماذا حدث ولماذا الدهشة؟‬
‫غضب شعبي واسع افتقد قيادة محددة ورؤية شاملة، وانتقال السلطة للمجلس العسكري، وصراع بين الإسلاميين والنيوليبراليين، وغياب قضية الاستقلال الوطني أو برنامج اقتصادي جديد‬
      يمكننا أن نلخص الأحداث منذ 25 يناير الماضي فيما يلي: غضب شعبي عارم وهبة عفوية شملت معظم شرائح المجتمع ولكنها افتقدت عناصر هامة للتغيير الجذري منها قيادة معلنة يلتف حولها المواطنون وإطار تنظيمي محكم يتسم برؤية عامة شاملة تتضمن خطوات متتالية تحقق أهدافا واضحة. ورغم ذلك القصور فإن هذه الانتفاضة الشعبية قد نجحت في إجبار مبارك علي التخلي عن السلطة بعد ثلاثين عاما متصلة من الحكم، كما حققت إنجازا غاية في الأهمية وهو كسر حاجز الخوف لدي الملايين من المصريين و جذبتهم للاهتمام بالقضايا العامة والربط بينها ومعاناتهم الشخصية.‬
     هكذا انتقلت السلطة إلي المجلس العسكري الذي عينه مبارك والذي كان دعامة رئيسية لاستمراره في الحكم. تزامن ذلك مع إدراك السلطة الأمريكية أن مبارك أصبح عبئا عليها رغم كل التنازلات والخدمات التي قدمها لقوي الهيمنة الغربية والصهيونية. (لا بد من مراجعة تقارير بيوت الخبرة الأمريكية حول الحفاظ علي "المصالح" الأمريكية في العالم العربي ودول العالم الثالث عموما. أكدت احدي هذه الدراسات علي مزايا الديمقراطية الموجهة وتفضيلها علي الدكتاتورية التابعة، رغم "الصداع" الذي يلازمها.)
     وكما علقنا سابقا علي الشعارات المرفوعة وكونها لا تعبر عن واقع حقيقي رغم فائدتها المؤقتة في التجميع والحشد إلا أننا أكدنا مرارا كيف أن شعار "حرية، عدالة اجتماعية، تغيير" تجاهل تماما القضية المحورية وهي السيادة الوطنية. أشرنا أيضا إلي ما هو بديهي ومنطقي وهو أن هناك قوي محلية وإقليمية وأجنبية تسعي جاهدة لتوظيف الغضب الهادر لمصالحها المتناقضة مع المصالح الشعبية.‬

 تتمثل القوي المحلية المتصارعة في:‬
∙  ‫  التحالف القديم الذي ساند السلطة والذي لم يختفي وإن اهتزت صفوفه مما دفعه لمحاولة إعادة تنظيم عناصره والاستماتة في الحفاظ علي مصالحه خصوصا بعد تخلي المؤسسة العسكرية عن دعمه علي الأقل بالصورة الماضية.  ولا زال الإعلام والإدارة المحلية والمحافظات وأجهزة الأمن والنقابات تكتظ بنفس الأشخاص القديمة وإن تغيرت لغتهم.‬‬
∙  ‫ أما القوي الشعبية العفوية ، فرغم إدراكها بمدي الاستبداد والفساد ومصادره وبأعدائها المحليين والخارجيين إلا أنها تفتقد المعرفة المتكاملة حول منظومة القوي العالمية والإقليمية التي تتخفي وراء شعارات جذابة وبراقة خصوصا "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" والشعارات الدينية. كذلك لم يتولد تفاعل شعبي يؤدي إلي تلاحم مع قيادة موثوق بها علي أساس موضوعي كمواقف واختبارات سابقة. بقيت هذه القوي الحية التي تسعي لمستقبل أفضل ولكرامة الوطن والمواطن، مبعثرة تتجاذبها شخصيات حاولت ركوب موجة "الثورة" رغم علاقات بعضها مع نظام مبارك. تمتعت هذه الشخصيات بقدر واسع من النجومية من قبل الإعلام "الخاص" الذي يتحكم فيه رجال المال. إن البعض من هؤلاء له انتماءات سياسية وعلاقات رسمية أو غير رسمية مع السلطة الأمريكية وأحيانا مع الكيان الصهيوني أو المؤسسات الأمريكية أو الأوروبية التي تمول ما يسمي بالمنظمات الغير حكومية والتي منحت بعضهم جوائز عالمية مرموقة في إطار صناعة نجوم التبعية.‬‬
∙  ‫ بالطبع كانت هناك محاولات صادقة  لإعطاء التحرك الشعبي مضمونا فكريا من أجل بلورة برنامجا عاما يسعي لتحقيق آمال الجماهير أو قدرا منها. لم تنجح هذه المحاولات لأسباب موضوعية ليس أقلها احتواء بعض المثقفين في أحداث جانبية و انشغال البعض في حوارات تليفزيونية عديدة افتقد معظمها محاولة تبني إستراتيجية واضحة لتحقيق بعض المطالب الشعبية. دارت أغلب الحوارات مع شخصيات منتقاة وغلب عليها تجزيء المواضيع وغياب النظرة الشاملة وتراجع الاهتمام بالقضايا الوطنية وعلي رأسها استقلالية صنع القرار، وكذلك الحديث عن إستراتيجية اقتصادية جديدة تنقذ الملايين من البطالة وتعتمد علي المعرفة العلمية الضرورية لمستقبل أفضل للوطن. إن الانحياز النيوليبرالي الواضح والذي يختلف عن الليبرالية الوطنية التي رفعت شعارات الاستقلال والدستور في القرن الماضي، تناغم بوضوح مع توجهات المؤسسة الحاكمة الغربية وشروطها المعلنة مرارا منذ يناير 2011 وهي الالتزام بسياسة السوق "الحرة" و"السلام" مع ( إسرائيل).‬‬
∙  ‫  بالطبع حاولت أحزاب المعارضة القديمة باختلاف ألوانها تبني "الثورة" ولكن مصداقيتها المفقودة تماما وانتهازية قياداتها حالت دون ذلك.‬‬

‫أما القوي البراجماتية المستغلة لشعار "الإسلام" فكانت متناسقة
  مع انتهازيتها التاريخية من عهد فاروق الذي نادت به خليفة للمسلمين وعبد الناصر الذي أيدته في إلغاء الأحزاب والسادات الذي كانت سندا أساسيا لسياساته ومبارك الذي أتقنت معه لعبة القط والفأر. رفعت شعارا جذابا لضمان شعبيتها ولكنه مفرط في عموميته. كان الشعار"الإسلام هو الحل" معمقا للفرقة الطائفية. هكذا فعل الرئيس "المؤمن" الذي رفع شعار "العلم والإيمان". أتاح الرئيس السادات
  ذات العلاقة الوثيقة بالسعودية والولايات المتحدة المجال للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية بالعمل السياسي. كان علي رأس أولويات بطل "السلام" استخدام التيار الإسلامي للقضاء علي التيارات الوطنية المناوئة لسياسات "التطبيع"
  وانصبت اهتمامات السادات والتيار الإسلامي "لتحرير" أفغانستان وكانت المظاهرات المسموح بها في الجامعات المصرية "وا أفغانستان" و أصبحت الثقافة السائدة هي معجزات المجاهدين وأحاديث القبر والثعبان الأصفر..الخ بدلا من الاهتمام بمكارم الأخلاق. بل أن السلطة نفسها تبنت خطابا "إسلاميا" متناسقا مع أهدافها وذلك من خلال الإعلام المرئي والصحافة وفي الجامعات والنقابات...الخ استخدم نظام السادات ومبارك  يافطة "الإسلام" السياسي لتحقيق مآربه. نجح السادات ومبارك في استغلال خوف شرائح من المجتمع من هذا الاتجاه واعتبرت النظام القائم حاميا لها أو بديلا أفضل من هيمنة "الإسلاميين". وحتى يعرف الجميع
  من هو صاحب السلطة ومن يتحكم في الأمور وحتى يلزم الإخوان "حدودهم" لجأ النظام إلي الزج بأعضاء وقيادات من الإخوان في المعتقلات، ولكن ذلك أدي إلي تعاطف الكثيرين معهم.

  هكذا اكتملت لعبة القط والفأر وفهمتها الأطراف المحلية والأجنبية. بالطبع لم يسلم الاتجاه الوطني واليساري وشخصيات عامة عديدة من الاعتقال السياسي والحصار الإعلامي.

  تم هذا علي حساب! تخريب المجتمع وتهميش الشعب وعزله عن قضاياه الحقيقية كما نتج عن ذلك تخلف ثقافي غير مسبوق في ظل مظاهر وتعبيرات دينية متناقضة مع التدهور الأخلاقي الذي ساد. كذلك أصبح مصدر الفخر الوطني الزائف المتاح هو جوائز لإنتاج علمي في الخارج وأحيانا انتصارات كروية نادرة.‬

‫قوي الهيمنة الأجنبية وخطوطها الحمراء‬

     أما اللاعبون الآخرون علي الساحة وإن كانوا غير ظاهرين فدورهم الخفي يمثل خطورة عظمي لتناقضه الكامل مع الآمال الشعبية والاستقلال الوطني والأمن القومي. تتمثل هذه القوي في  قوي الهيمنة الغربية وتحديدا دول حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني والأنظمة الإقليمية التابعة سياسيا وتاريخيا لها (دول ودويلات بترولية وممالك تدين للقوي الغربية بنشأتها واستمرار بقائها). توظف هذه القوي الأحداث لحماية مصالحها الضخمة والغير مشروعة وتستخدم قدراتها الإعلامية والمالية والمخابراتية لتحقيق مآربها بإعادة إنتاج النظام بمسحة ديمقراطية، وضمان الالتزام بمعاهدة "السلام" مع إسرائيل وبسياسات السوق الحرة.‬

‫الانتخابات ومسار الديمقراطية: لماذا الدهشة؟ هل هناك مفاجئات؟‬

       بدأت عملية الانتخابات بسرعة بعد استفتاء أكثر سرعة حول التعديلات الدستورية في ظل
  صراع بين الإسلاميين والليبراليين الذي ظهر جليا في ميدان التحرير لعدة أسابيع وتذبذبت مواقف المجلس العسكري صاحب السلطة الفعلية، عاكسا بذلك محاولته إرضاء طرف أو آخر من القوي متناقضة المصالح التي عددناها سابقا سواء محلية أو إقليمية أو أجنبية غربية والتي تمارس الضغط عليه لتحقيق مصالحها. و فوق ذلك فالمؤسسة العسكرية الممثلة في مجلسها العسكري والذي كان جزءا لا يتجزأ من نظام مبارك، لها مصالحها الذاتية هي الأخرى و التي لن تتنازل عنها بسهولة بل ستحاول بشتى الطرق الحفاظ عليها وتدعيمها. وفي نفس الوقت يحاول المجلس العسكري عدم استعداء ما يسمي بفلول نظام مبارك، حتى يكونوا دعامته عندما يتطلب الأمر. ولهذا لا نستعجب من تواجد وزراء  سابقين ومحافظين وإعلاميين من نظام مبارك أومن هم من نفس المواصفات. كما أنه يستخدم التيار الإسلامي وغلبته الانتخابية حتى يكون الحكم العسكري بديلا أفضل في نظر الليبراليين، هكذا يستغل دعمهم له في لعبة التوازنات. ليس من المستغرب أيضاً استخدام المجلس العسكري للانتخابات المستعجلة لسحب البساط من متظاهري التحرير وجذب انتباه الجمهور نحو عملية الانتخابات. كان من الواضح من البداية علاقة الإخوان والمجلس العسكري فكلاهما يستخدم الآخر فالإخوان يريدون انتخابات سريعة وهم في أوج شعبيتهم وقبل أن يتعرف الناخبون بشكل أفضل علي برنامجهم وبرامج الآخرين والمجلس العسكري يستخدمهم في مواجهة شباب التحرير. و لا نستبعد أن يبالغ الإخوان المسلمون في ضغوطهم ومطالبهم خصوصا بعد نتائج الانتخابات الأخيرة فيعيد التاريخ نفسه وتتوتر العلاقة بينهم والمجلس العسكري. أما القوي الأجنبية  فهدفها الأساسي هو تحقيق" استقرار" سريع والتحكم في مسار الغضب الشعبي (إدارة الثورة حسب تعبير مسئولين أوروبيين) حتى لا تفلت زمام الأمور وتتحول إلي ثورة حقيقية. لا تعترض الإدارة الأمريكية علي دور محور! ي للمؤسسة العسكرية رغم تصريحاتهأ العلنية بضرورة تسليم السلطة للمدنيين وتفضل أن يكون هذا الدور من وراء ستار، وتستخدم كأداة ضغط فعالة العلاقات الوثيقة مع العسكريين عبر سنوات طويلة من المناورات المشتركة "مناورات النجم الساطع" وكذلك الأموال التي تغدقها عليهم من "معونات عسكرية" لا تخضع لأي رقابة أو محاسبة. كما أنها أعلنت رسميا ومرارا عن عدم اعتراضها علي وصول إسلاميين "معتدلين" للسلطة ما داموا قد أعلنوا التزامهم بشروطها وعلي رأسها ضمان "السلام" مع إسرائيل والاستمرار في سياسة السوق "الحر". لكن صانعي القرار في أمريكا أبدوا توجسا من اكتساح التيار الإسلامي في الجولة الأولي من الانتخابات وأظهروا انزعاجا من نجاح السلفيين الغير متوقع، هذا الانزعاج لا يرجع إلي تشدد السلفيين وتبنيهم الوهابية، وإنما  لأنهم يمثلون الطبقات الكادحة والتي تبدي نفورا شديدا (مبرر جزئيا) من النيوليبراليين وخطابهم وسلوكهم وكذلك عدم ارتياحها للإخوان. تسعي الإدارة الأمريكية لضمان دور مهم للنيوليبراليين باختلاف ألوانهم باعتبارهم أقرب شريحة لها.‬

‫      أما علاقة الإخوان المسلمين بالمجلس العسكري فهي أقرب للعلاقة القديمة مع السادات. المجلس يريد استخدامهم لإجهاض أو تفريغ "الثورة" وصداع التحرير ومحاصرة التيار الوطني واليساري. أما الإخوان فأولويتهم الوصول إلي السلطة والتحكم في صياغة الدستور فرغم تأكيدهم علي الديمقراطية فتعريفهم لها يتناقض مع قواعدها البسيطة كما يؤكد تاريخهم السابق، حيث اعتبروا الديمقراطية فكرا مستوردا يجب رفضه، ورفض الحزبية واعتبارها مناقضة للدين الإسلامي. كما أن ممارساتهم في النقابات المهنية ونوادي الجامعات لا يوحي مطلقا باحترامهم للديمقراطية بل علي العكس تماما من ذلك.
  أما إصرارهم الواضح علي التحكم والإسراع في صياغة الدستور والتهديد الصريح لأي تأجيل يذكرنا بالإستعراض السابق لمليشياتهم بجامعة الأزهر في عهد مبارك. كما أن ممارساتهم أثناء الاستفتاء والانتخابات تؤكد علي استخدام الدين لتحقيق مآربهم بل أن بعض هذه الممارسات منافية لحرية الاختيار الذي يؤكدها الإسلام (مثل إعلان عليه شعار الإخوان ،السيف والمصحف،يزعم أن قول نعم في الاستفتاء هو واجب شرعي) ولكن يبدو أن المبدأ المتبع في الواقع هو"الغاية تبرر الوسيلة" والغاية هنا هي إجهاض جنين الديمقراطية التي تتطلب حوارا واسعا لكل شرائح المجتمع وفترة انتقالية للبدأ في بناء مؤسساتها الحزبية والنقابية.‬

     أما القوي المعادية للكيان الصهيوني والمهتمة بالسيادة الوطنية فبالإضافة إلي ضعفها بعد أعوام طويلة من الحصار والإعلام المهادن الذي دأب علي تسخيف خطابها وشعاراتها فلقد لاحظنا كيف أن المجلس العسكري تعامل بحسم غير معهود وعنف ومحاكمات عسكرية سريعة لأنصار هذه القوي عندما عبروا عن رفضهم وجود سفارة صهيونية في مصر. وهذا غير مستغرب باعتبار المساس بمعاهدة "السلام" خط أحمر من قبل قوي الهيمنة الغربية.‬

     لقد اختزلت القوي النيوليبرالية القضايا في مسألة "الديمقراطية" في حين أنه من الجلي أنها بعيدة عن الديمقراطية التي تتيح للشعب حريات واسعة تؤدي إلي اختيار ممثليه علي أساس موضوعي أو مشاركة فعالة في صنع القرار والرقابة. وهي في نفس الوقت ديمقراطية منفصلة عن أم القضايا وهي الاستقلال الوطني مما ساهم في تبرير التمويل الأجنبي لخدمة "الديمقراطية". في الحقيقة نحن بعيدون كل البعد عن بدايات لديمقراطية حقيقية بل إننا بصدد ما يسمي "بلوتوكراسية" وهي الشكل السياسي الذي يتحكم فيه أصحاب الثروات الضخمة والتي تملي بإرادتها عبر امتلاكها الإعلام بأشكاله الحديثة والمتنوعة. ‬

     هكذا يمكن أن نفهم سر استفتاءات دستورية ثم انتخابات سريعة  مصحوبة بتباطؤ في إصلاحات جادة وممكنة متعلقة بأمن المواطنين مثلا أو وضع حد أقصي للأجور أو تعيين ‫محافظين حسب معايير أفضل وليس نفس النوعية السابقة.‬

     خلاصة القول أننا لا نحتاج لتفكير عميق حتى نجزم أن نتيجة الانتخابات في أي مجتمع حرم من المساهمة في إدارة شئونه سنوات طويلة ستكون لصالح القوي التي سمح النظام لها  بالعمل السياسي تحت شعار جذاب ومحبب للغالبية وهو الإسلام. لقد فتح السادات ومبارك  المجال لهذا الاتجاه بالعمل في الأحياء الفقيرة لتقديم خدمات تقاعست عنها الحكومة وفي الجامعات والجوامع
 كما سمح للتيار الإسلامي الحصول علي تمويل هائل والتنظيم تحت عنوان السمع والطاعة، في حين عمل حثيثا علي بعثرة القوي الأخرى يشتي الطرق وضيق عليها الخناق أمام أي نشاط سياسي أو ثقافي أو إعلامي. إذاً ليس هناك مجالاً للدهشة لغلبة الأحزاب الدينية بينما المفروض أن الدستور المصري لا يسمح بأحزاب علي أساس ديني.‬

‫ ‬‫في الجزء الثاني سنتناول تساؤلين هامين وهما: ما هي احتمالات المستقبل القريب؟
  وما هي واجبات ومهام المثقفين الذين ينتمون للاتجاه الشعبي الوطني المستقل؟‬

No comments: